قوله تعالى: {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا 83 إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا 84 فأتبع سببا 85 حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا 86 قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا 87}
  شيئاً يُرى قاله كأنها تغرب في عين حمئة كمن يتراءى له أنها تغرب خلف جبل وشجر ونحوها فيقول غربت خلف جبل كذا، ولأن الشمس أكبر من الأرض بكثير فكيف تتسع عين لها، وأنكر هذا القول أبو بكر أحمد بن علي وقال: بل هي في عين حمئة في الحقيقة على ظاهر القرآن، وعليه أكثر المفسرين. وعن كعب: أجدها في التوراة تغرب في ماء وطين، ويحتمل أن يكون الفلك يدور في تلك العين أو يكون الفلك عبارة عن مجرى الشمس فلا يلزم ما قال أبو علي. «وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً» أي: ناساً «قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا» قيل: إما أن تعذب بالقتل من أقام منهم على الشرك «وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا» قيل: تعفو وتصفح، وقيل: تأمرهم وتعلمهم الهدى والرشاد، وقيل: خيرهم بين عقابهم وبين العفو عنهم، وقيل: أراد إما أن تعذب من أصر أو تتخذ حسناً فيمن آمن ف «قَال» ذو القرنين «أَمَّا مَنْ ظَلَمَ» قيل: من كفر ولم يتب، عن الأصم. وقيل: عصى وظلم نفسه بالكبيرة «فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ» نقتله «عَذَابًا نُكْرًا» أي: منكرًا غير معهود وهو أشد من القتل.
  · الأحكام: يدل قوله: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ} أنه ملك جميع الْأَرْض من جهته تعالى، ومثل ذلك لا يتأتى إلا للأنبياء.
  ويدل قوله: {إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ} أنه أوحي إليه، ومن قال قيل له على لسان غيره عدول عن الظاهر.