قوله تعالى: {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا 99 وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا 100 الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا 101}
  وقيل: إذا جاء الوعد ماجوا على الباب كما يموج الماء واشتدوا، قيل: عند بناء السد ماجوا في أمورهم، عن الأصم. «وَنُفِخَ فِي الصُّورِ» قيل: قرن ينفخ فيه، عن ابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري كلهم يرفعونه، وقيل: ينفخ فيه ثلاث نفخات: الأولى: نفخة الفزع، والثانية: نفخة الصعق، والثالثة: نفخة القيام لرب العالمين، وقال الحسن: الصور جمع صورة، فيحيون بأن ينفخ في الصور الأرواح، وكذلك قال أبو عبيدة. «فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً» أي: جمعنا الخلق للجزاء والحساب يوم القيامة، جمعاً في صعيد واحد «وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ» ليروا أهوالها وعذابها، والالتهاب العظيم، والأصوات الهائلة، وضروب العذاب، قال أبو مسلم: رؤية جهنم بعض عذابهم.
  ثم وصف الكافرين فقال سبحانه: «الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي» قيل: كانت أعينهم في غشاء عن ذكري وأدلتي، وقيل: الذكر القرآن، وقيل: الإيمان، وقيل: الأدلة، يعني: عميت أبصارهم عن الأدلة وأسماعهم عن سماع الحق، وأضاف الذكر إلى العين مبالغة في الوصف بالبعض كما يقال: فلان لا يقدر أن يكتحل برؤية فلان «وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً» أي: يثقل عليهم استماع كتاب اللَّه تعالى والإيمان به وهو أيضاً مبالغة في الوصف، لأنهم لما تناهوا في النفور عن استماع القرآن وصفوا بأنهم كالأصم لا يسمعون، كقولهم: فلان لا يستطيع أن ينظر إليَّ أو يسمع كلامي، عن الأصم، وأبي علي.