التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا 102 قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا 103 الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا 104 أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا 105 ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا 106}

صفحة 4504 - الجزء 6

  قلنا: إن صح ذلك عن علي # فلا بد من قبوله على أنه يحتمل قوله: «كَفَرُوا بِآياتِ رَبّهِمْ» لم يرد كفرأً مطلقاً، بل أراد جحود بعض آيات ربه، هذا هو طريقة البغاة.

  · المعنى: ثم بيَّن تعالى صفة القيامة، فقال سبحانه: «أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كفَرُوا» أي: ظنوا، قيل: إنه توبيخ. بلفظ الاستفهام، أي: كيف ظنوا ذلك «أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ» قيل: أراد عيسى والملائكة يتخذونهم أولياء ينصرونهم، كلا بل هم أعداؤهم يتبرؤون منهم، وقيل: هم الشياطين يوالونهم ويطيعونهم، عن ابن عباس. وقيل: هم الأصنام، سماها عباداً كقوله: {عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ}⁣[الأعراف: ١٩٤]، عن مقاتل. «مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ» أي: وليا يَلي نصرتهم ويكفون أمورهم «إِنَّا أَعْتَدْنَا» هيأنا «جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً» قيل: مأوى ومنزلاً، عن الزجاج وغيره. وقيل: طعاماً «قُلْ» يا محمد «هَلْ نُنَبّئُكمْ» أخبركم «بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا» يعني أنهم توهموا أن عبادتهم لغيره تنفعهم وهم أخسر الناس صفقة «بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا» أكثر خسراناً على تحملهم لأنهم أتعبوا أنفسهم في أعمالهم ظنًّا أنهم على شيء، ثم كان عاقبتهم النار، فلا أحد أخسر منهم «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» يعني: بطل عملهم فلم يخلصوا منها إلا على الهلاك، وقوله: «سَعْيُهُمْ» يحتمل وجهين: