قوله تعالى: {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا 102 قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا 103 الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا 104 أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا 105 ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا 106}
  أحدهما: سعيهم في الكفر وإبطال الدين، فلم يحصل مرادهم وبطل سعيهم.
  والثاني: سعيهم فيما ظنوه طاعة كانت أو معصية، ذكرهما الأصم.
  ويحتمل وجهاً آخر وهو: سَعْيُهُمْ في الطاعات، فبطل بسبب كفرهم.
  «وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً» أي: يظنون أنهم أحسنوا العمل، ولا شر أعظم من أن يتصور الإنسان أنه محق وهو في الحقيقة مبطل، وهذه صفة المبتدعة والمقلدة الَّذِينَ اتبعوا أئمة الضلال، فيحسبون أنهم على شيء وعاقبتهم الهلاك.
  ثم بيّن تعالى أمرهم، فقال سبحانه: «أُولَئِكَ الَّذِينَ كفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ» أي: جحدوا الحجة وبيناته وجزائه، والمراد بلقائه لقاء جزائه، وإنما حسن ذلك لتفخيم شأن الجزاء «فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ» قيل: بطل جزاء أعمالهم «فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً» يعني: لا قيمة لهم عند اللَّه ولا كرامة بل يستخف بهم ويعاقب، كما يقال: لا أقيم لفلان وزناً أي: لا أتلقاه بالتعظيم، وقيل: لا نقيم لأعمالهم وزناً لأنها تبطل، عن أبي سعيد الخدري. وقيل: توزن الأشخاص ولا يكون له وزن، روي مرفوعا.
  ومتى قيل: كيف يصح مع عظيم جثثهم أن لا يكون لهم وزن؟
  قيل: الثقل اعتمادات لازمة، فإذا بطلت بقيت ولا ثقل لها، ويحتمل أن لا يكون لهم وزناً ينفعهم.