التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا 107 خالدين فيها لا يبغون عنها حولا 108 قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا 109 قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا 110}

صفحة 4508 - الجزء 6

  · النزول: قيل: قال اليهود: تزعم يا محمد أنّا قد أوتينا الحكمة وفي كتابك: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}⁣[البقرة: ٢٦٩] ثم يقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}⁣[الاسراء: ٨٥] فكيف يكون هذا؟ فنزل قوله: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} عن ابن عباس.

  ونزل قوله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} في جندب بن زهير، كان يصلي ويصوم لقالة الناس ولا يريد وجه اللَّه، فنزلت الآية فيه.

  وقيل: جاء رجل إلى رسول اللَّه ÷ وقال: أحب الجهاد وأحب أن ترى مكاني، فأنزل اللَّه تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ}.

  · المعنى: ولما تقدم ذكر الوعيد عقبه بذكر الوعد على عادته تعالى في الجمع بين الوعد والوعيد، فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» الطاعات «كَانَتْ لَهُمْ» قيل: معناه يكون لهم، وقيل: كان لهم في حكم اللَّه وعلمه «جَناتُ الْفِرْدَوْسِ» الجنة البستان التي فيها الأشجار، والفردوس قيل: أعلى الجنة وأحسنها، ومنها: «تتفجر أنهار الجنة وفوقها العرش» في خبر مرفوع، وقيل: ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها وأرفعها، عن قتادة. وقيل: هو البستان الذي فيه الأعناب، عن كعب. وقيل: الجنة البستان الذي يجمع محاسن كل بستان، عن الزجاج. وقيل: الجنة الملتفة بالأشجار، عن الضحاك. قيل: الفردوس الذي تنبت ضروباً من النبات وتجمع