قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا 107 خالدين فيها لا يبغون عنها حولا 108 قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا 109 قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا 110}
  فلا كل ما ترجو من الخير كائنٌ ... ولا كل ما ترجو من الشر واقعُ
  «فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا» قيل: خالصاً، وقيل: العمل الصالح ما وافق الشرع وأمر اللَّه «وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا» قيل: لا يرائي بعبادته لله، عن سعيد بن جبير. وقيل: لا يعبد معه، عن الحسن. وقيل: «الرياء الشرك الأصغر»، في خبر مرفوع.
  · النظم: يقال: كيف تتصل الآية بما قبلها؟
  قلنا: لما تقدم الأمر والنهي والوعد والوعيد بين أن مقدوراته لا تتناهى، وأنه قادر على ما يشاء، ويفعل بحسب المصلحة ولأمر بحسبها، فيجب على المكلف أن يمتثل أمره ولا يتعداه، ويثق بوعده ووعيده.
  وقيل: لما أخبر بما تقدم من الأخبار بيّن أنها عن وحي، عن أبي مسلم.
  · الأحكام: يدل قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية. أن الجنة تنال بالإيمان والعمل الصالح خلاف قول المرجئة.
  وتدل على خلود الجنة خلاف قول جهم.
  ويدل قوله: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} الآية على حدوث كلامه لكونه أشياء لا تتناهى، وتكون مدداً له.
  ويدل قوله: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ» أن الرسول تبين من غيره بالوحي والمعجز، فيبطل قول من يقول بجواز نبي لا وحي ولا معجز معه.