التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كهيعص 1 ذكر رحمت ربك عبده زكريا 2 إذ نادى ربه نداء خفيا 3 قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا 4 وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا 5 يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا 6}

صفحة 4520 - الجزء 6

  ويدل ما قال على أن المستحب في مقدمة الدعاء ذكر نعمه، والتضرع، والخضوع.

  ويدل قوله {وَلَمْ أَكُنْ} على إظهار عادات فضله على عباده.

  ويدل قوله: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ} أن رفع الحاجة قد يكون لخوف فساد الدين.

  وتدل على جواز ولادة الكبيرة العاقر خلاف قول الطبائعية؛ وذلك أن الولد خَلْقُ اللَّه تعالى، والمرأة محل الولد فلا يختلف بالكبيرة، إلا أنه أجرى العادة بأن الكبيرة لا تلد، وفي زمن الأنبياء نقض العادة معجزة لهم يجوز.

  وتدل على أنه سأل الولد اهتماماً للدين لا للمال؛ لأنه الأليق بطريقته، ولأنه لا يرث آل يعقوب.

  وتدل على جواز سؤال الولد.

  وتدل على أن الفساد فِعْلُ العبد؛ إذ لو كان خلقاً لله تعالى لكان الخوف منه لا من مواليه، تعالى اللَّه عن ذلك علواً كبيرا.

  ومتى قيل: لِمَ كان النبي لا يورث بخلاف غيره؟

  قلنا: اللَّه تعالى أعلم بالمصالح، وهو وضع الميراث لما رأى من المصلحة،