قوله تعالى: {كهيعص 1 ذكر رحمت ربك عبده زكريا 2 إذ نادى ربه نداء خفيا 3 قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا 4 وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا 5 يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا 6}
  والأول الوجه. وإنما ذهب إلى ذلك لأن يحيى يرث جميع آل يعقوب، وإذا حملناه على العلم والنبوة صح المعنى، ولا يصح حمله على ميراث المال؛ لقوله ÷: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة»، وقد ورد الكتاب بتوريث العلم فقد قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}[فاطر: ٣٢] والمراد علم الكتاب والإرث: أن يقوم مقامه في ذلك، كما روي: «العلماء ورثة الأنبياء»، ولأن اهتمام زكريا لأجل الدين ولا يجوز أن يكون لأجل الدنيا، ولأنه إذا جعل اللَّه تعالى ماله لبني عمه لا يجوز أن يتأسف عليه، وكان من همته إحياء الدين؛ لأن وراثة المال لا تتعلق بكونه مرضياً، فسؤاله الرضى لذلك يدل على ما قلنا. «وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا» قيل: الطُفْ له حتى يصير مرضياً صالحاً، وقيل: اجعله نبياً كما جعلت أباه نبياً، عن أبي صالح.
  · الأحكام: يدل قوله: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ} على حدث الذكر من حيث بيَّن أنها من هذه الحروف.
  ويدل قوله: {نِدَاءً خَفِيًّا} أن أفضل الدعاء ما هذا حاله، وروي: «خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما يكفي»، ولأنه أبعد عن الرياء.