التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا 16 فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا 17 قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا 18 قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا 19 قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا 20}

صفحة 4537 - الجزء 6

  الدعاء لله تعالى، عن أكثر المفسرين، وقيل: أرادت يا [سيدي] خطاباً لجبريل، حكاه الأصم، وليس بشيء «أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ» أي: كيف يكون لي ولد، وإن المعتاد أن الولد يحدث عند الوطء «وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ» قط بالزوجية ولا كنت بغياً فاجرة.

  · الأحكام: تدل الآيات على معجزات عظيمة:

  منها: رؤية الملك بصورة البشر.

  ومنها: بشارة الملك إياها.

  ومنها: أنها ولدت من غير وطء.

  ومنها: أنها حملت وولدت في يوم واحد عند الأكثر، ثم تساقط الرطب من جذع يابس، وظهر النهر الجاري على ما يأتي من بعد، على أن جميع ذلك معجزة لنبي، وثبت بالكتاب والإجماع أن المرأة لا تكون نبية، وثبت أن المعجز لا يجوز إظهاره على غير النبي، فعند ذلك اختلف مشايخنا، فقال أبو علي والبصرية: إنها معجزات زكريا، وكان نبياً متكفلاً بأمرها، وقال أبو القاسم: بل هي معجزة لعيسى إرهاصاً لأمره، وتأسيساً لنبوته. والصحيح الأول.