التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال أراغب أنت عن آلهتي ياإبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا 46 قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا 47 وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا 48 فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا 49 ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا 50}

صفحة 4570 - الجزء 6

  ابن عباس. فإبْرَاهِيم دعاه دعاء العلماء حيث وعظه وبَيَّنَ له الأدلة وتلطف في الدعاء، وهو أجاب جواب الجهال حين قابل الحجة بالتهديد «وَاهْجُرْنِي» فارقني «مَلِيًّا» قيل: دهرًا طويلاً، عن الحسن، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والسدي. من قولهم: المَلْوَة: الزمان الطويل، وقيل: مَلِيًّا: سوياً سليماً من عقوبتي، عن ابن عباس، وقتادة، وعطاء، والضحاك من قولهم: فلان ملي بهذا الأمر، إذا كان كاملاً فيه، فلما سمع إبراهيم من أبيه هذا الجواب الموحش «قَالَ سَلاَمٌ عَلَيكَ» قيل: هو توديع على ألطف الوجوه، وهو سلام متاركة ومباعدة منه، عن أبي علي، وأبي مسلم. وقيل: أمان لك مني بما أردت من اعتزالي فإني أفعله، وقيل: أراد إقامة سُنَّةِ الدين، وقيل: أراد به سلامة الدنيا، وهذا يجوز أن يُدْعَى به الكافر، وقيل: معناه سَلِمْتَ مني لا أصيبك بمكروه ولا أكافئك، عن الأصم. «سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي» قيل: وعده أن يستغفر له على مقتضى العقل حتى منعه الشرع، وقيل: كان وعده أن يؤمن فاستغفر له بشرط أن يصدق وعده، وقيل: سأستغفر لك على ما يصح ويجوز من ترككم عبادة الأوثان وإخلاصكم لله تعالى، عن أبي علي، وقيل: سأستغفر لك ربي ألا يعذبك في الدنيا، عن الأصم «إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا» قيل: لطيفاً رحيماً، عن ابن عباس، ومقاتل. وقيل: بارًا، وقيل: عَوَّدَنِي الإجابة، عن مجاهد.