قوله تعالى: {قال أراغب أنت عن آلهتي ياإبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا 46 قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا 47 وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا 48 فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا 49 ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا 50}
  ثم بيّن أنه يختار الدين على مساعدة الأب، والهجرة على الوطن، فقال: «وَأَعْتَزِلُكُمْ» أي: أتنحى عنكم «وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» قيل: تدعونه إلهاً وهي الأوثان، وقيل: تدعون تعبدون «وَأَدْعُو رَبّي» أي: أعبده وأدعوه إلهاً «عَسَى» هو هنا واجب ومعناه: لا أكون «بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا» كما شقيتم بدعاء الأصنام، وذكر (عسى) على وجه الخضوع «فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ» أي: فارقهم، قيل: فارقهم إلى الأرض المقدسة، عن مقاتل. «وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» من الأصنام وغيرها «وَهَبْنَا لَهُ» أعطينا له «إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ» ابناً وابن ابن «وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا» يعني: إبراهيم وإسحاق ويعقوب جعلهم رسلاً وأنبياء يقتدى بهم في الدين «وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا» قيل: المال والولد، وقيل: النبوة والكتاب، وقيل: الرحمة النعمة فوهبهم نعمة الدين والدنيا «وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا» رفيعاً، قيل: ثناءً حسناً، عن ابن عباس، وذكر أن كل أهل دين يثنون عليهم ويوالونهم، والعرب تقول: جاءني لسانه أي: مدحه، قال الشاعر:
  إني أتتني لسان لا أسَرُّ بها ... من علو لا عَجَبٌ منها ولا سَخَرُ
  وقيل: اللسان الصدق وما آتاهم من وحيه وأمرهم بتبليغه إلى عباده، عن