التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا 51 وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا 52 ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا 53 واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا 54 وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا 55}

صفحة 4574 - الجزء 6

  · المعنى: ثم ذكر تعالى حديث موسى وإسماعيل، فقال سبحانه: «وَاذْكُرْ» يا محمد «فِي الْكِتَابِ» في القرآن «مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا» قيل: أخلص العبادة لله، وقيل: كان موحداً مسلمَاً، عن مقاتل. وبفتح اللام كان مختارًا للرسالة، وقيل: اختاره بأن كلمه ووهبه الجاه وسائر ما أعطاه «وَكَانَ رَسُولاً» إلى فرعون وقومه «نَبِيًّا» رفيع الشأن والقدر «وَنَادَيْنَاهُ» أي: دعوناه «مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ» يعني كان النداء من جانب اليمين من الطور، وقيل: اليمين من موسى، والطور قيلَ: بالشام «وَقَرَّبْنَاهُ» في المنزلة، محله محل من قربه مولاه من مجلس كرامته «نَجِيًّا» كليماً، قيل: معناه رفعنا رتبته بكلامنا له، وقيل: قرب من اللوح المحفوظ حتى كتب له في الألواح، وقيل: قربناه من الموضع الذي شرفه به ليستمع كلامه منه، وقيل: قرب من أعلى الحجب حتى سمع صرير القلم، عن ابن عباس، ومجاهد. ولا يجوز حمله على قرب المكان من اللَّه تعالى؛ لأنه يتعالى عن ذلك «وَوَهَبْنَا لَهُ» أعطيناه «مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ» أي: من نعمتنا عليه أعناه بأخيه «هَارُونَ» وجعلناه «نَبِيًّا» معه، قيل: لأنه لما أرسله دعا أن يشد ظهره به ويجعله وزيره وشريكه في أمره، فأجابه رحمة منه «وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ» هو أكبر ولد إبراهيم، وأمه هاجر، وحكى الأصم عن بعضهم أنه النبي الذي أخبرهم عن طالوت وكان في بني إسرائيل بعد موسى # وذريته، وذكر أن الإجماع على خلافه «إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ» أي: لا يخلف وعده، وقيل: وعد رجلًا أن يقيم ولا يبرح حتى يرجع إليه فأقام ثلاثة أيام للميعاد حتى رجع، عن مقاتل. وقيل: أقام حولاً، عن الكلبي. وقيل: كان صادق الوعد فيما بينه وبين ربه «وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا» رفيع القدر، وقيل: جمع بينهما