قوله تعالى: {لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا 62 تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا 63 وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا 64 رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا 65}
  أهل الجنة، عن أكثر المفسرين، وقيل: بل تم الكلام قبله ثم ابتدأ اللَّه تعالى الخبر بذلك عن نفسه، عن أبي مسلم. واختلفوا في قول: «رَبُّكَ» فقيل: خطاب للنبي، وقيل: له وللمؤمنين كأنه يا أيها السامع.
  ثم وصف تعالى فقال: «رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» أي: خالقهما ومدبرهما «وَمَا بَينَهُمَا» من الخلائق والأشياء «فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ» أي: اصبر على أداء عباداته «هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا» قيل: مثلاً وشبيهاً، عن ابن عباس، ومجاهد، وابن جريج، وسعيد بن جبير. وقيل: لا يستحق أحد أن يسمى إلهاً إلا هو، عن الكلبي. وقيل: هل تعلم أحداً يدبر الأفلاك، ويسكن السماوات، ويخلق الأرض والسماء، وينبت النبات، ويحيي الأموات غيره.
  · الأحكام: الآية تدل على أن أهل الجنة يأتيهم الرزق على ما كانوا يعتادونه، وفي ذلك ترغيب في الثواب بأمور معقولة، وهكذا عادته تعالى في الوعد والوعيد، وتدل على وجوب عبادته لمكان نعمه لذلك ذكره عقيب خلق السماوات والأرض وما بينهما.
  وتدل على أن العبادة فعلُهم من وجهين:
  أحدهما: أمره بها.
  وثانيها: قوله: «وَاصْطَبِرْ» ولو كان خلقاً له لما احتاج إلى ذلك؛ فيبطل قول الْمُجْبِرَة في المخلوق.