التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا 96 فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا 97 وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا 98}

صفحة 4624 - الجزء 6

  قراءته، عن أبي علي. «لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ» لتخبرهم بما يسرهم مما أعد اللَّه لهم «وَتُنْذِرَ بِهِ» أي: تخوف بالقرآن «قَوْمًا لُدًّا» قيل: ذو جدل بالباطل، عن قتادة، والضحاك. كأنه لا ينقاد للحق، وقيل: شداداً في الخصومة، عن ابن عباس. وقيل: صماً، عن الحسن، والربيع. وقيل: الأَلَدُّ الظالم الذي لا يستقيم، عن مجاهد.

  ثم بيّن تعالى ما يقع به التخويف، فقال سبحانه: «وَكَمْ أَهْلَكْنَا» فيه تسلية للنبي ÷ أي: لا يهمنك أمرهم فإن وباله يرجع عليهم كما أهلك من كان قبلهم، وقيل: أهلكنا عذبنا، وقيل: استأصلهم، قيل: هَؤُلَاءِ الكافرين «مِنْ قَرْنٍ» من أمة «هَلْ تُحِسُّ» قيل: ترى، وقيل: تجد «مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا» أي: صوتاً، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك. وقال ابن زيد: الركز الحس، وقيل: إنهم يُنْسَوْنَ فلا يُذْكَرُونَ، أي: لا يبقى لهم على لسان أحد ذكرٌ ولا صوتٌ.

  · الأحكام: تدل الآية أنه يجعل في قلوب أهل الجنة وداً، ويزيل العداوة والبغضاء، وحَمْلُهُ على هذا أولى لعموم الآية ولهذا لا يغتم الوالد لحلول العذاب بولده.

  وتدل أنه أنزل القرآن بلغة العرب فليس فيه سواه.

  وتدل على أن الغرض الإنذار والتذكير.

  وتدل أن الوعد للمتقين وذلك يحقق قولنا في الوعيد؛ إذ لو كان الفاسق من أهل البشارة لما اختص ذلك بالمتقين.