التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين 145}

صفحة 633 - الجزء 1

  والهوى: هوى النفس، وهو مما يميل إليه الطبع، والهواء ممدُود: الجو.

  والظالم: على ضربين: يقال: ظالم لنفسه إذا أضر بنفسه، وإن لم يستحق الذم، وظالم مطلقًا، وهو اسم ذم.

  · الإعراب: لئن: بمعنى (لو)، وأجيب بجواب (لو). وللعلماء فيه خلاف، فقيل: إنهما لما تقاربا تداخلا، واستعمل كل واحد منهما مكان الآخر، وأجيب بجوابه، ونظيره: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا} ثم قال: «ولو أنهم آمنوا واتقوا» على جواب لو، وقال: «وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا» ثم قال: «لَمَثُوبَة» على جواب «لئن»، وذلك أن أصل (لو) للماضي، و (لئن) للمستقبل، عن الأخفش، وقيل: إن كل واحد منهما على مواضعها، وإنما لحق في الجواب هذا التداخل، لدلالة اللام على معنى القسم في الجواب، كجواب القسم، يعني عن جواب الجزاء لدلالته عليه، فمعنى «لظلُّوا» ليظلن، عن سيبويه.

  · النزول: روي أن يهود المدينة ونصارى نجران قالوا لرسول اللَّه ÷: ائتنا بآية كما أتى الأنبياء قبلك؟ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى فيما تقدم أن الَّذِينَ أوتوا الكتاب يعلمون أنه الحق بيَّن أن حالهم لا يتغير في العناد والمخالفة، فقال تعالى: «وَلَئِنْ أَتَيْتَ» وفي الكلام معنى القسم، كأنه قيل: واللَّه لئن أتيت «الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ» قيل: أهل العناد من علماء اليهود والنصارى، عن الزجاج والأصم وأبي القاسم. وقيل: المراد جميع اليهود والنصارى،