قوله تعالى: {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين 145}
  عن الحسن وأبي علي، وقيل: هم العلماء وأهل العناد عن الأصم، «وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ» فيه أقوال:
  الأول: أنه رَفعٌ لتجويز النسخ، وبيان أنه لا ينسخ هذه القبلة.
  الثاني: حسمًا لأطماع أهل الكتاب حين رَجَوْا الرجوع إلى بيت المقدس.
  الثالث: للمقابلة، يعني ما هم بتاركين باطلهم، وما أنت بتارك حقك.
  الرابع: أراد لا عليك استصلاحهم باتباع قبلتهم؛ لأن ذلك معصية.
  الخامس: ما أنت بتابع قبلتهم عَرَّفَهُ نَسْخَهُ، وأنه لا ينتقل.
  «وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ» يعني اليهود كلهم لا يتبعون النصارى، والنصارى كلهم لا يتبعون اليهود، عن الحسن والسدي وابن زيد وأبي علي. وقيل: أراد به العلماء أي علماء اليهود لا تتَنَصَّر، وعلماء النصارى لا تتهود، ويحتمل أنه على العموم؛ لأنه لم يثبت أن يهوديًا تنصّر، ولا نصرانيًّا تهوّد، فلا ضرورة بنا إلى العدول عن الظاهر إلى التأويل، عن القاضي. وقيل: هذا إبطال لاعتلالهم أنه لا يجوز مخالفة أهل الكتاب؛ لأنه إذا جاز أن تختلف قبلتهما للمصلحة جاز أن يكون لمصلحة في ثالث، وقيل: أراد به اليهود والنصارى ومشركي العرب، عن الأصم. وقيل: قبلة اليهود في جهة المغرب لبيت المقدس قبلة، وقبلة النصارى من جهة المشرق الموضع الذي ولد فيه عيسى # «وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ» يا محمد «أَهْوَاءَهُمْ» فيه أربعة أقوال:
  الأول: ولئن اتبعت أهواءهم في المداراة حرصًا على أن يؤمنوا «إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ» لنفسك؛ إذ قد أعلمتك أنهم لا يؤمنون، عن أبي علي.
  الثاني: الدلالة على أن الوعيد يستحق باتباع أهوائهم فيما دعوا إليه من ملتهم، وأنّ اتباعهم ردة، والخطاب للنبي، والمراد كل من كان بتلك الصفة، عن الحسن والزجاج. قال الحسن: يعني ظلم الشرك؛ لأنهم دعوا المؤمنين إلى دينهم.
  الثالث: الدلالة على فساد مذهبهم، وأن من تبعه كان ظالمًا.
  الرابع: زجر له عن مقاربتهم والركون إليهم ليستمروا علي عداوتهم تقوية لنفسه ولمتبعي شريعته، عن القاضي.
  «من بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ» قيل: من الآيات والوحي الذي هو طريق العلم،