قوله تعالى: {قال فما بال القرون الأولى 51 قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى 52 الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى 53 كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى 54 منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى 55}
  قيل: مختلف الألوان والطعوم والمنافع، منها ما يصلح لطعام الإنسان وما يصلح للدواء، ومنها ما يصلح للدواب.
  ثم بين أن هذه الأشياء لمنافع العباد، فقال سبحانه: «كُلُوا» إباحة وليس بأمر «وَارْعَوْا أَنْعَامكمْ» أي: ارتعوا أنعامكم فيها، قيل: كلوا أطيبها وارعوا أنعامكم فيما لا يصلح لكم منها «إِنَّ فِي ذَلِكَ» فيما تقدم ذكره «لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى» قيل:
  الَّذِينَ ينتهون عما حرم اللَّه عليهم، عن الضحاك. وقيل: لذي الورع، عن قتادة. وقيل: لذوي التقى، عن ابن عباس. وقيل: لذوي العقول «مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ» أي: من الأرض خلقنا آدم وهو أبوكم، وقيل: إن الملك يأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذره على النطفة فيخلق من التراب والنطفة، فذلك قوله: «مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ»، عن عطاء الخراساني. «وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ» أي: في الأرض عند الموت من الدفن «وَمِنْهَا» من الأرض «نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى» أي نخرجكم أحياء عند البعث؛ وهو المدة الأخرى.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى لا يجوز عليه النسيان؛ لأنه عالم لذاته.
  ويدل قوله: «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ» أنه يعرف بأفعاله.
  ويدل قوله: «تَارَةً أُخْرَى» على إثبات المعاد والحشر.