التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى 61 فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى 62 قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى 63 فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى 64}

صفحة 4697 - الجزء 7

  وقيل: حيث كان من الأرض، وقيل: حيث احتال، فلما رأت السحرة ذلك وهم الحُذَّاقُ أنها ليست من السحر وأنها معجزة آمنوا، فقال تعالى: «فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا» يعني سجدوا و «قَالُوا آمَنَّا بِرَبّ هَارُونَ وَمُوسَى» وأضافه إليهما لكونهما رسولين له ولدعائهما إليه.

  · الأحكام: يدل قوله: «إما أن تلقي ...» الآية. على أن الإلقاء فعلهما؛ إذ لو كان خلقاً لله تعالى لما صح هذا الكلام؛ لأن الإلقاء من فعل فاعل واحد، ولأنه إذا كانت الإلقاءات جميعاً منه تعالى فَلِمَ صار أحدها كفرًا والآخر طاعة، ولأن موسى قال: «بل ألقوا» ولا يصح حمله على الكسب؛ لأن الكسب غير معقول، ولو عقل لما صح حصوله إلا بعد الخلق فهو موجب الخلق، ولأنه لا معنى تحت قولهم كسب إلا أنه خلقه مع القدرة، وهذا لا تأثير للعبد فيه، ولأن الإلقاء يحل في غير محل القدرة وذلك عندهم ليس بكسب للعبد.

  ويدل قوله: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} يجوز أن يخاف النبي حتى يؤمنه اللَّه، والأولى أنه خاف على العوام الشبهة، وإلا فهو كان على بصيرة من أمره وأمرهم.