قوله تعالى: {قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى 61 فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى 62 قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى 63 فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى 64}
  مقاتل، وأبي علي. وقيل: خاف لأنه لم يَدْرِ أن العصا إذا انقلبت حية هل تظهر المزية؛ لأنه لم يعلم أنها تتلقفها وتزيل الشبهة، وكان ذلك موضع خوف؛ لأنها لو انقلبت حية لادعوا المساواة لاسيما والأهواء معهم، والدولة والملك لهم، وأسباب الدنيا متفقة، فلما تلقفت زالت الشبهة وتحقق عند الجميع صحة أمر موسى وبطلان سحرهم، وقيل: خاف أن يتفرقوا قبل إلقاء العصا ويلبسوا على العوام، عن أبي علي. وقيل: خوف طباع لما رأى من كثرة ما ألقوا «قُلْنَا لاَ تَخَفْ» يا موسى «إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى» الغالب القاهر، وهذا يدل على أنه أراد التلبيس حتى أمنه اللَّه «وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ» أي: العصا «تَلْقَفْ» أي: تبتلع «مَا صَنَعُوا» أي: ما صنعوا فيه من الحبال والعصي؛ لأن الحبال والعصي أجسام ليس بفعلهم ولا يقدر عليها أحد غير اللَّه تعالى وإنما صنعهم الأعراض التي حلها من جمع وتفريق، قيل: لما ألقى عصاه صارت حية وطافت حول الصفوف حتى رآها الناس كلهم، ثم قصدت الحبال والعصي فابتلعتها كلها مع كثرتها، ثم أخذها موسى فعادت عصا كما كانت «إِنَّمَا صَنَعُوا» من السحر، وذلك إشارة إلى الكذب، ثم يقال: هذا حديث مصنوع أي: كذب موضوع «كَيْدُ سَاحِرٍ» أي: مكره وحيلته «وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ» أي: لا يظفر ببغيته الساحر؛ إذ لا حقيقة للسحر «حَيثُ أَتَى» قيل: أتى من السحر،