قوله تعالى: {قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى 71 قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا 72 إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى 73 إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى 74 ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى 75 جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى 76}
  خير ثواباً وأبقى للمؤمنين، وأبقى عقاباً للعاصين منك؛ لأنك فانٍ هالك «إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا» قيل: إنه خبر من اللَّه اعترض بين القصة على غير وجه الحكاية، وقيل: هو حكاية عن السحرة ومعجز «إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ» قيل: إلى الموضع الذي وعده ربه، عن أبي علي. وهو الآخرة «مُجْرِماً» قيل: مشركا، وقيل: عاصياً «فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ» أي: مأواه ومنزله جهنم «لاَ يَمُوتُ فِيهَا» فيستريح «وَلاَ يَحْيَا» حياة هنية فينتفع بحياته «وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا» أي: مات على الإيمان وأتى الآخرة «قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا» الرفيعة، ثم فسر الدرجات فقال سبحانه: «جَنَّاتُ عَدْنٍ» إقامة، يعني دائمة «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ» يجري الماء في الأنهار تحت أشجارها وأبنيتها «خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى» قيل: تَطَهَّرَ من الكفر والمعاصي، فبين أنه يعطي بالأعمال.
  · الأحكام: يدل قوله: {لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ} أنه عجز عن الحجة فعدل إلى الشبهة والوعيد والتمويه.
  وتدل على بصيرة القوم حيث لم يبالوا بوعيده، وكان الحسن يقول: سبحان اللَّه لقوم آمنوا فثبت في قلوبهم الإيمان حتى لم يتعاظم عندهم وعيد فرعون حين قالوا: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} في ذات اللَّه، وإن أحدكم اليوم بصحبة القرآن ستين عاماً ثم يبيع دينه بثمن خسيس.