التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى 71 قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا 72 إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى 73 إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى 74 ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى 75 جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى 76}

صفحة 4702 - الجزء 7

  أدوم، قيل: أبقى عقاباً إن عصي، وثواباً إن أطيع، عن محمد بن كعب، وابن إسحاق. فلما سمع المستبصرون وعيده لهم آثروا طاعة اللَّه والدار الآخرة على الدنيا ونعيمها «قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ» أي: نختارك «عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ» قيل: الحجج الدالة على التوحيد، وقيل: اليد والعصا «وَالَّذِي فَطَرَنَا» أي: خلقنا، قيل: معناه لن نؤثرك على الذي فطرنا، أي: خلقنا، عن أبي علي. وقيل: إنه قسم، أي: لن نؤثرك واللَّه على ما جاءنا من البينات وما ظهر من الحق «فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ» اصنع ما أنت صانع على إتمام وإحكام، وقيل: احكم ما أنت حاكم، وليس هذا بأمر؛ وإنما هو استسلام، وتقديره: اصنع ما شئت فلن نرجع عن دين اللَّه «إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا» يعني إنما تملك الأمر والحكم في الدنيا، وليس لك سلطان إلا هاهنا دون الدار الآخرة «إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا» أي: معاصينا، لما علموا وعيد اللَّه هان عليهم وعيد فرعون «وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ» أي: ما أمرتنا من عمل السحر وتَعَلُّمِهِ، وقيل: إنه دفع غلماناً إلى السحر، عن ابن عباس. وقيل: كانت السحرة اثنين وسبعين من بني إسرائيل أكرههم على تعلم السحر، عن مقاتل. وقيل: إكراهه أنه حشرهم من المدائن والأقطار لعمل السحر ليقابل بهم موسى، عن أبي مسلم. وقيل: إنهم امتنعوا لما علموا من حديث العصا، وأن مثله لا يكون سحرًا فأكرههم، وقيل: كانت عادة الملوك أن يكرهوا الكبار على تعليم الشبان السحر كيلا يتعطل، وقيل: قالوا لفرعون: أرنا موسى إذا نام، فأراهم، فإذا هو نائم وعصاه تحرسه، فقالوا: ليس هذا بسحر، إن الساحر إذا نام بطل سحره، فأبى عليهم إلا أن يعملوا، فذلك إكراههم، عن عبد العزيز بن أبان. «وَاللَّهُ خَيرٌ وَأَبْقَى» قيل: