التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى 91 قال ياهارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا 92 ألا تتبعن أفعصيت أمري 93 قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي 94 قال فما خطبك ياسامري 95}

صفحة 4726 - الجزء 7

  قلنا: أمره بذلك بشرط المصلحة، ورأى هارون الإقامة أصلح، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، وقيل: لم يُؤْمَرْ بذلك وأمر بمجاهدتهم وزجرهم عن القبيح.

  ويقال: لم بدأ هارون باللائمة؟

  قلنا: إنما عاتبه واللوم متوجه على القوم، فأما هارون فلم يتوجه عليه لوم، وأَمْرُهُ بمفارقتهم لوم لهم، وقيل: موقع الذنب ممن عظمت رتبته أعظم، فلما كان هارون أَجَلَّ مَنْ خَلّفَهُ خصه باللائمة، وهذا إن ثبت له ذنب، فأما هارون فبريء الساحة، والأول الوجه.

  «قَال» هارون «يَبْنَؤُمَّ» قيل: كان أخاه لأبيه وأمه فذكر الأم استعطافاً، وقيل: بل كان أخاه لأمه، والأول الوجه، ومن قال: إنه أضافه إلى الأم لتحقيق النسب منها لا يصح؛ لأن موسى منزه عن ألا يضيفه إلى أمه وهذا سوء ثناء على الأنبياء «لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي» قيل: معناه لا تفرط في توبيخي ولومي، والذي في القرآن أنه أخذ برأس أخيه يجره إليه، وقيل: إنه أخذه على وجه التشكي كما يفعله المحزون بأخيه، ولم يفعله استخفافاً؛ لأن الاستخفاف بالأنبياء كفر، فقال: لا تأخذ، فيراك بنو إسرائيل فيظنون أنك واجد عليَّ، وإنما كان غضبه عليهم، وقيل: كانت العادة جارية في القبض عليها في ذلك الزمان كالعادة في زماننا في القبض على