قوله تعالى: {قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى 91 قال ياهارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا 92 ألا تتبعن أفعصيت أمري 93 قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي 94 قال فما خطبك ياسامري 95}
  {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ}[الأعراف: ١٤٢] وقيل: لم تحفظ قولي في الاعتذار أن لو تفرقوا، ولما ظهر براءة ساحة هارون، وبين العذر في الإقامة، وعلم أن الذنب للسامري أقبل عليه هو يخاطبه ف «قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ» أي: ما شأنك، وما دهاك، وما دعاك إلى ما صنعت، والخطب أصله الأمر العظيم، كأنه قيل: ما هذا العظيم الذي أحدثت وما حملك عليه.
  · الأحكام: يدل قوله: {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا} الآية أن الواجب عند وقوع الفتنة البدار إلى التلافي بما أمكن، ولهذا بادر أبو بكر يوم السقيفة إلى تلافي الفتنة بتعجيل البيعة بإقامة إمام الأمة، ولا فتنة أعظم من ردة العرب، وظهور النفاق، ومحاولة الأنصار ببيعة سعد مع ما سبق من موت النبي، ÷، فلولا أنه بادر إلى تلافيه وأجرى اللَّه تعالى ذلك على يديه وإلا كانت ثُلْمَة عظيمة في الإسلام.
  وتدل على أن للنبي ÷ أن يجتهد ويراعي المصلحة ولذلك قال: {خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}، فإنه لما خاف زيادة الفتنة بالمفارقة وكان قوله الأصوب والأصلح كما أن أبا بكر لما رأى من المصلحة المبادرة إلى البيعة كانت الأصلح.