التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي 96 قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا 97 إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما 98}

صفحة 4753 - الجزء 7

  ويدل قوله: {وَلَا تَعْجَلْ} أنه لا يجوز إبلاغ شيء إلا بعد إتمام الإيتاء لاتصال الكلام بعضه ببعض.

  ويدل على ما يقوله أبو علي أنه لا يجوز إبلاغ العموم إلا مع دلالة الخصوص، وتأدية المجمل قبل بيانه وإن حمل على تعجيل التلاوة.

  وتدل على أنه لا يجوز أن يبادر إلى اعتقاد حتى يتكامل الوحي؛ لأن آخر الكلام يغير فائدة أوله.

  ويدل قوله: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} على فضل العلم.

  ويدل قوله: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} إلى آخره على جواز الصغائر على الأنبياء، ومعنى (نسي) ترك؛ إذ معنى النسيان الحقيقي لا يتوجه به التكليف.

  ومعنى قوله: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} أنَّه لم يكن له عزيمة قوية في التحرز.

  ومتى قيل: إذا علم بالقبيح، وأقدم عليه فكيف يوصف بالنسيان؟

  قلنا: قد يكون متمكناً من العلم وقد يكون عالماً، فلا يجب ما ذكرته، وقد بينا معنى «نسي»، وكان أبو علي يقول: لا يقع من الأنبياء صغائر مع العلم ألبتة، وكان أبو هاشم يُجَوِّزُ ذلك ويقول: علمهم بقبحها لا يمنع من وقوعها صغيرة، إذا لم يكن فيه تنفير، وقد بينا من قَبْلُ الكلام في حديث آدم فلا معنى لإعادته.