التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى 121 ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى 122 قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى 123 ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى 124 قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا 125 قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى 126}

صفحة 4759 - الجزء 7

  قلنا: لأن كل شيئين من شيئين فهو في موضع التثنية جمع، كقوله: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}⁣[التحريم: ٤]. {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا} تم الكلام، ثم استأنف {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}.

  و (ما) في قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ} صلة، والمعنى: فإن يأتينكم، وهو شرط لذلك دخلت النون، وجوابه: {فَلَا يَضِلُّ}.

  · المعنى: ثم بيّن تعالى ما آل إليه أمر آدم #، فقال سبحانه: «فَأَكَلَا» يعني آدم وحواء «مِنْهَا» من الشجرة «فَبَدَتْ» ظهرت «لَهُمَا سَوْآتُهُمَا» عوراتهما، قيل: ذهب عنهما لباسهما فعلما أنهما واقعا معصية، وقيل: كان لباس سوآتهما الظفر، عن السدي. «وَطَفِقَا يخْصِفَانِ عَلَيهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ» أي: يضعان ورقاً بعد ورق ليسترا عوراتهما «وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ» أي: خالف أمره فيما أمره به، وقيل: أخطأ، ولم ينل مراده بما أكل «ثُمَّ اجْتَبَاهُ» أي: اختاره واصطفاه، قيل: للنبوة، وقيل: لخلافة الأرض «فَتاب عَلَيهِ» أي: قبل توبته، ووفقه للتوبة، ولطف له حتى تاب «وَهَدَى» بأن هداه لأمر دينه ودنياه، أما الدين فبما أوحى إليه حالاً بعد حال من بيان شرائعه، وأما الدنيا ما علَّمه من عمارته وأسبابه «قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا» قيل: خطاب لآدم