التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى 121 ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى 122 قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى 123 ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى 124 قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا 125 قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى 126}

صفحة 4762 - الجزء 7

  ويحتمل أن سترها [كان واجباً] في شريعة آدم كما هو في شريعتنا، وقيل: إنها تدل على قبح كشف العورة عقلاً؛ لأنهما فرَّقا بينها وبين سائر الأعضاء، لا يجوز أن يقال:

  إن قبحه كان من شرعه.

  ويدل قوله: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ} على أنه اصطفاه للرسالة.

  ومتى قيل: هل يدل قوله: {فَتَابَ عَلَيْهِ} أن ما أتى به كانت كبيرة؟

  قلنا: لا؛ لأن التوبة من الصغائر تحسن، وقد تجب عند بعض العلماء على ما يقوله أبو علي: أنه إذا لم يتب عندْ تَذَكُّرِهِ كان [مُصِرًّا]، وقد يفعل ترغيباً في الثواب؛ لأنه بالصغيرة يُنقص شيء من ثوابه، فيكون خيرًا له على ما يقوله أبو هاشم.

  ويدل قوله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ} و {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} على أن فعل العبد حادث من جهته، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

  وتدل على أن الهدى الدلالة والبيان دون نفس الإيمان على غير ما تزعمه الْمُجْبِرَة.

  وتدل على أنهم يحشرون عمياً.

  ومتى قيل: هذا يناقض قوله: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} وغيرها من الآيات؟

  فجوابنا: أنه يكون على حالين على ما تقدم.