قوله تعالى: {فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى 121 ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى 122 قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى 123 ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى 124 قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا 125 قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى 126}
  رَبّ لِمَ حشرتَنِي أَعْمَى» هو سؤال استفهام، أي: لأي ذنب استحققت العمى، وقيل: هو سؤال تضرع وتذلل، وقيل: العمى نوع عقوبة، فيقول: لمَ حشرتني أعمى «وَقَدْ كنتُ بَصِيرًا» قال: قد كنت بصيرًا بعيني ولم أكن أعمى، عن ابن عباس. وقيل: كنت بصيرًا بحجتي، عن مجاهد، يعني كنت بصيرًا عند نفسي؛ لأنه كان يظن الشبهة حجة «قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا» حجتنا «فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى» أي: كما أتتك آياتي فأعرضت عنها، كذلك تترك اليوم أعمى، وقيل: حشرتك أعمى؛ لتكون فضيحة كما كنت أعمى القلب، تركت آياتي فلم تنظر فيها، وقيل في قوله: «تنسى» أي: تترك في النار، وقيل: تجازى على النسيان، وقيل: لا تُذكر عند الرحمة والمغفرة فتكون بمنزلة المنسي، عن أبي علي.
  · الأحكام: تدل الآية أنهما أكلا من الشجرة، وأن الأكل كان معصية، فتدل على جواز الصغائر على الأنبياء، وقد بينا فيما تقدم كيف وقع الأكل، وأن منهم من قال: أخطأ التأويل، عن أبي علي، وأبي مسلم، ومنهم من قال: نسيا، ومنهم من قال: إنه كان نهي تنزيه، وهو خلاف الظاهر.
  ويدل قوله: {فَبَدَت لَهُمَا} أنهما امتحنا بذلك عند وقوع المعصية، ولا يحمل على العقوبة؛ لأن الصغائر تقع مكفرة، ولأن الأنبياء لا يعاقبون.
  ويدل قوله: {وَطَفِقَا} على حسن ستر العورة عقلا؛ لأن وجوبه عُلِمَ سمعاً،