التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى 131 وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى 132 وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى 133 ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى 134 قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى 135}

صفحة 4775 - الجزء 7

  ويدل قوله: {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا} وقوله: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ} على وجوب اللطف؛ لأنه بين أنه بعث الرسول لطفاً لهم، ولو لم يبعث لكان لهم الحجة عليه، فبعث قطعاً للعذر وإزاحة للعلة.

  ويدل آخر الآيات على وعيد عظيم.

  وتدل الآيات على بطلان مذهب الجبر من وجوه:

  منها: أنه بَيَّنَ أنه لو لم يبعث رسولاً لكان لهم الحجة، وعلى قولهم أنه لا اعتبار بالرسول، فإذا خلق الكفر والقدرة الموجبة للكفر وأراد منهم الكفر، ولم يخلق الإيمان، ولا أعطاهم قدرة الإيمان، ولا أراد منهم الإيمان، بل كرهه، فهذا آكد في العذر، وأنه لو خلق الإيمان ولا رسول كانوا مؤمنين، ولو لم يخلق وملأ الدنيا بالرسل والكتب والمواعظ لما آمنوا، فأي فائدة في هذا، وأي قطع للعذر.

  ومنها: أنه بين أنه لا يعذب إلا بَعْدَ الرُّسُلِ، وعندهم لو عذب ولم يرسل جاز.

  ومنها: أنه لم يعذبهم قبل الرسول فيكون ذلك حجة عليهم، وعندهم لو عذب الأنبياء والمؤمنين وأثاب الفراعنة جاز، تعالى اللَّه عن ذلك وعما يقول الظالمون علواً كبيرًا.