قوله تعالى: {ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون 6 وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون 7 وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين 8 ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين 9 لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون 10}
  والشراب مثل الملائكة؛ بل هم بشر محتاجون، وهذا جواب لقولهم: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ}[الفرقان: ٧] «وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ» أي: باقين في الدنيا لا يموتون، وكذلك حالك «ثمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ» قيل: في إنجائنا إياهم وإهلاك الكفار المكذبين لهم.
  · النظم: ويُقال: كيف يتصل هذا بما قبله؟
  قلنا: لأنهم كانوا على صفة البشر فاختارهم اللَّه تعالى وأوحى إليهم، ووعدهم النصر على أعدائهم، وصَدَقَهُمْ الوعد، وقيل: كما صدقناهم الوعد في إهلاك أعدائهم كذلك نفعل بك وبقومك المكذبين لك. «فَأَنجَينَاهُمْ» خلصناهم «وَمَنْ نَشَاءُ» من المؤمنين «وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ» قيل: المشركين، عن قتادة. وقيل: المجاوزين حد اللَّه تعالى «لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيكُمْ كِتَابًا» يعني القرآن «فِيهِ ذِكْرُكُمْ» قيل: ما تحتاجون إليه من أمر دينكم، عن الحسن. وقيل: حديثكم، عن مجاهد. وقيل: شرفكم بإنزاله بلغتكم على رجل منكم، وقيل: ذكركم لما فيه من مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال، وقيل: موعظة لما وعد اللَّه فيه وأوعد «أَفَلَا تَعْقِلُونَ» أي: أفلا تعلمون أن ذلك الأمر كما أخبرتكم، عن أبي علي. وقيل: أفلا تتفكرون فيه؛ لتفوزوا بما فيه نجاتكم دينًا ودنيا.