قوله تعالى: {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين 11 فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون 12 لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون 13 قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين 14 فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين 15}
  تكون ظالمة ولا مقصومة فالمراد أهلها، وهذا هو المجاز؛ لأنه على ضروب: إما أن يفيد بزيادة، أو نقصان، أو تشبيه.
  وتدل على أن العذاب جزاء الظلم خلاف ما يقوله أهل الجبر.
  وتدل على أن الظلم فِعْلُهُمْ حادث من جهتهم، وليس بخلق اللَّه تعالى؛ لذلك قالوا، وندموا على ذلك.
  وتدل على أن عذاب اللَّه إذا وقع لا ينفع الهرب، وقيه تحذير من حال الظلم وترغيب في الطاعة.
  وتدل على أن العذاب أتاهم من جهته تعالى أو بأمره؛ ولذلك أضافه إلى نفسه، وذلك يبين أن ما روي أنه كان من بُخْتُنَصَّر غير صحيح.
  وتدل على أن البطر في النعم قبيح.
  ومتى قيل: في قوله: {أُتْرِفْتُمْ فِيهِ} مَنْ فَعَلَ ذلك بهم؟
  قلنا: لم يكن ثَمَّ غيرهم وهم نعموا أنفسهم، فأضيف إليهم، كما يقال: فلان معجب بنفسه، عن أبي مسلم.
  وقيل: تنعموا في نعم أنعم اللَّه عليهم بها.
  وقيل: نعم بعضهم بعضاً.