قوله تعالى: {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين 11 فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون 12 لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون 13 قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين 14 فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين 15}
  فلا ينفعكم الهرب من عقاب اللَّه إذا أتاكم، وارجعوا إلى ما كنتم تتنعمون فيه وإلى مساكنكم التي كنتم فيها بَطِرِينَ، توبيخًا وتقريعاً على ما فرط منهم، وقيل:
  ارجعوا إلى النعم التي عصيتم اللَّه فيها ولأجلها، وقيل: لما أخذتهم السيوف هربوا، فقالت الملائكة: لا تركضوا وارجعوا إلى مساكنكم، فرجعوا فقتلوا «لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ» قيل: تُسألون عن قتل نبيكم، عن ابن عباس. وقيل: لعلكم تفقهون بالمسألة، عن مجاهد. وقيل: لعلكم تُسألون عن دنياكم سؤال استهزاء بهم، وقيل: تسألون من أين جمعتم وإلى أين خرجتم، وقيل: لكي «تسألوا» عن أعمالكم وتنعُّمِكُمْ بغير الحق، عن أبي علي، وأبي مسلم. وقيل: لكي تقتلوا بأموالكم أنفسكم «قَالُوا يَاويلَنَا» أي: لما رأوا العذاب اعترفوا وقالوا على سبيل التندم: «يَاوَيْلَنَا» قيل: الويل كلمة تقال لمن وقع في هلكة، وقيل: معناه واحزناه، قيل: المشقة والعذاب، عن ابن عباس. وقيل: الويل: الهلكة «إِنَّا كنَّا ظَالِمِينَ» أنفسنا بالعصيان «فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ» أي: قولهم ودعاهم «حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا» قيل: بالعذاب، عن الحسن.
  وقيل: بالسيف، عن مجاهد. وقيل: هو بُخْتُنَصَّر «خَامِدِينَ» قيل: ميتين لا حراك بهم، وقيل: أَصبنَا بالنار جسدهم فصاروا خامدين.
  · الأحكام: يدل قوله: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} على إثبات المجاز في القرآن؛ لأن القرية لا