التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين 16 لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين 17 بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون 18 وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون 19 يسبحون الليل والنهار لا يفترون 20}

صفحة 4798 - الجزء 7

  وفِعْلِ القبيح والعبث، وقيل: ما تكْذبون به، عن مجاهد. «وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» خالقهما وجميع الخلق عبيده فكيف يفعل اللعب، وكيف يجوز عليه اتخاذ الولد «وَمَنْ عِنْدَهُ» يعني الملائكة، والمراد قرب المنزلة لا قرب المكان «لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ» قيل: لا يأنفون، عن أبي مسلم. «وَلا يَسْتَحْسِرُونَ» قيل: لا يستنكفون، عن ابن عباس. وقيل: لا يعيون، عن قتادة، والسدي، ومقاتل.

  وقيل: لا يَمَلُّون، عن ابن زيد. وقيل: يسهل عليهم التسبيح كسهولة فتح الطَّرْف والنفَس، عن كعب. «يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» قيل: في الليل والنهار الذي أنتم فيه، وقيل: هو عبارة عن الدوام؛ لأنهم يدورون الفلك، وليس هناك ليل ولا نهار «لاَ يَفْتُرُونَ» قيل: لا يضعفون، وقيل: لا يسأمون.

  · الأحكام: تدل الآية على بطلان قول الْمُجْبِرَةِ؛ لأنه تعالى نفي اللعب عن خَلْقِهِ، وعندهم كل لعب خَلْقُهُ فوجب كونه لاعباً، وكان لا يصح هذا الإطلاق، ولأنه أراد أنه خلقها على وجه الحكمة؛ لأنه المفهوم من الكلام، فلا بد من غرض، خلاف قولهم: إنه يفعل لا لغرض.

  وتدل على أنه لا يفعل القبيح؛ لأنه بمنزلة اللعب في القبح.

  وتدل على أن جميع الكفر والمعاصي ليست من خلقه؛ لأن جميع ذلك باطل.