التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون 21 لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون 22 لا يسأل عما يفعل وهم يسألون 23 أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون 24 وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون 25}

صفحة 4806 - الجزء 7

  ولا يقال: أليس صحة الظلم عندكم لا تدل على الجهل والحاجة ووقوعه يدل، كذلك هاهنا؟

  قلنا: صحة التمانع ووجوده سواء في دلالة أن أحدهما أقدر، وصحة الظلم لا تدل على الجهل والحاجة وإنما يدل وقوعه.

  ويدل قوله: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ} على تنزيهه عن جميع ما لا يليق به من الصفات والأفعال القبيحة.

  ويدل قوله: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} أنه لا يخلق أفعال العباد ولا يأمرهم بما لا يطيقون، ولا يعذبهم بغير ذنب، وهذا أليق بالتوحيد والعدل؛ إذ لو خلق أفعالهم وأرادها لكان الأولى بالسوال هو.

  ويدل قوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} أن الحق يحتاج إلى برهان وما لا برهان فيه فهو باطل.

  وتدل على بطلان التقليد.

  ويدل قوله {لَا يَعْلَمُونَ} على بطلان قول أصحاب المعارف.

  وتدل على أنه لم يبعث نبياً إلا دعا إلى التوحيد لإزالة التهمة أن فيهم من دعا إلى شرك على ما أضافه إليه النصارى في المسيح، واليهود في عزير، والعرب في الملائكة.