التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون 31 وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون 32 وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون 33 وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون 34 كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون 35}

صفحة 4814 - الجزء 7

  والتسبيح: الصلاة أيضاً؛ لأن فيها تنزيه اللَّه تعالى، والعرب تقول: سبحان من كذا ما أبعده، قال الشاعر:

  أَقُولُ لَمَّا جاءني فَخرُهُ ... سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الفَاخِرِ

  وقيل: معناه عجباً له، والسباحة: العَوْم، والسبح والجري من النظائر.

  · الإعراب: يقال: لم جاز «يَسْبَحُون» على نحو فِعْلِ ما يعقل؟

  قلنا: لأنه أضيف إليها الفعل على تدبير ما يعقل، ونظيره: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لي سَاجِدِينَ}⁣[يوسف: ٤] وذُكِّرَ «مَحْفُوظًا» لأنه يرجع إلى السقف و «آيَاتها» ترجع إلى السماء، وقال: «يسبحون» على الجمع وإن تقدم ذكر الشمس والقمر؛ لأنه أراد النجوم كلها، ولذلك جمع.

  وقوله: «فَهُمْ» استفهام وقد يحذف ألف الاستفهام إذا كان في الكلام دليل عليه، قال الشاعر:

  فَقُلْتُ وأَنْكَرْتُ الوجُوَه: همُ هُم؟

  «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً» معناه نفتنكم فتنة إلا أنها وضعت موضع الحال.