التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون 31 وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون 32 وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون 33 وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون 34 كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون 35}

صفحة 4815 - الجزء 7

  · النزول: قيل: نزل قوله: «وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ...» الآية. وما بعدها في الَّذِينَ قالوا: نتربص بمحمد ريب المنون.

  · النظم: يقال: كيف يتصل: «وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ...» الآية. بما قبله؟

  قلنا: قيل: لما ذكر نعمة الدنيا بيّن أنه لم يخلقها للخلود؛ وإنما خلقها ليتوصل بها إلى الآخرة، وأنه لا بد لكل أحد من الموت والرجوع إلى الجزاء، عن القاضي.

  وقيل: إنه يرجعِ إلى قوله في ذكر الأنبياء في أول السورة: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ}⁣[الانبياء: ٨] وأعاد ذلك هاهنا تأكيداً له كأنه قيل: إنه بشر مثلهم، يأكل الطعام كما أكلوا، ويموت كما ماتوا، وذلك كل حي سوى اللَّه تعالى.

  · المعنى: ثم بيّن تعالى من قدرته وتدبيره ونعمه، وأنه القديم الذي لا يزول، وأن غيره محدث، وأنه الحي الذي لا يموت وغيره يموت، فقال سبحانه: «وَجَعَلْنَا» أي: خلقنا «فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ» أي: جبال ثوابت تمنع الأرض من الحركة والاضطراب «أَنْ تَمِيدَ