قوله تعالى: {ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون 41 قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون 42 أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون 43 بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون 44 قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون 45}
  · الأحكام: تدل الآية على عظيم موقع الاستهزاء بأهل الدين، وأنها من الكبائر العظيمة، وهذا حال كل مبطل يستهزئ بالمحق.
  وتدل على ذم العجلة في الأمور، ومدح التأني، وقد وردت السُّنَّةُ أن التأني من اللَّه والعجلة من الشيطان، ولا يجوز حمل الآية على الحقيقة؛ لأن الإنسان لم يُخلَقْ من العجلة ولا العجلة من الإنسان، فلا بد من تأويل، والأولى ما ذكرنا أن عادته ذلك.
  ويدل قوله: {فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} أنه تعالى خلقهم ولا يعجل العقوبة.
  وتدل على أن العذاب إذا وقع فلا دافع.
  وتدل الآيات أن أفعال العباد حادثة من جهتهم ليس بخلق اللَّه تعالى منها قوله: {إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا} ولو كان الهُزْءُ خَلْقَهُ لما اتخذهم هزواً، ومنها قوله:
  {فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} ولو كانت العجلة خَلْقَهُ لكان هو يستعجل، وكذلك قوله:
  {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} وكل ذلك يبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.
قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ٤١ قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ٤٢ أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ ٤٣ بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ٤٤ قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ ٤٥}