قوله تعالى: {ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن ياويلنا إنا كنا ظالمين 46 ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين 47 ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين 48 الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون 49 وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون 50}
  محاسبه. «وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ» أي أعطيناهما «الْفُرْقَانَ» قيل: التوراة تفرق بين الحق والباطل، عن مجاهد، وقتادة، وأبي علي. وقيل: البرهان الذي فرق بين حق موسى وباطل فرعون وهو النصر، عن ابن زيد، كقوله: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ}[الأنفال: ٤١] يوم بدر، وقيل: هو فلق البحر ونجاتهم وغرق فرعون «وَضِيَاءً» قيل: بيان الحلال والحرام، عن ابن عباس، وعكرمة. آتينا موسى الكتاب ضياء، والواو زائدة، قال أبو علي: الضياء صفة التوراة، وأنكر ذلك بعض النحويين، وليس بشيء؛ لأنه قد يوصف مع الواو، قال الشاعر:
  إِلَى الملِكِ القَرْم وَابْنِ الهُمَامِ ... وَلَيْثِ الكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمْ
  وجميع ذلك صفةٌ لموصوفٍ واحد، وقيل: الضياء التوراة، والواو للعطف لاختلاف اللفظين والمعنى واحد، وقيل: الضياء العلم؛ لأنه ضياء لمن عمل به «وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ» يعني يتذكرون به ويستدلون فيعلمون الدين، وخص المتقين؛ لأنهم ينتفعون بها.
  ثم وصف المتقين فقال سبحانه: «الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ» أي: يخافون عقابه «بِالغَيبِ» قيل: في سرائرهم من غير رياء، وقيل: في حال الخلوة والغيب عن الناس «وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ» أي: من القيامة وأهوالها «مُشْفِقُونَ» خائفون «وَهَذَا ذِكْرٌ» يعني القرآن «مُبَارَكٌ»؛ لأن مَنْ تمسك به وعلمه وعمل به استحق ثواب الأبد، وقيل: «مُبَارَكٌ» لوفور فوائده من الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والعظة والأخبار والأمثال، وكل