التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم 66 أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون 67 قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين 68 قلنا يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم 69 وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين 70}

صفحة 4852 - الجزء 7

  · الأحكام: يدل قوله: «أفتعبدون» على قبح عبادة غير اللَّه وأنه وبخهم بذلك.

  وتدل على عبادتها؛ لذلك صح التوبيخ.

  ومتى قيل: إذا كان عبادة ما لا ينفع ولا يضر تقبح، فعبادة من ينفع ويضر غير اللَّه هل يحسن؟

  قلنا: لا؛ لأن العبادة تستحق بأصول النعم، وذلك لا يقدر عليه غير اللَّه بخلق الخلق والحياة والشهوة والأرزاق ونحوها.

  وتدل على كيدهم به، ومنع اللَّه إياهم نعمة عليه بذلك.

  وتدل أن ذلك الكيد كان فعْلَهُمْ؛ إذ لو كان خلقاً لله تعالى لكان هو الذي يكيد وهو الذي يمنع، وهذا لا يجوز، وقد روي عن إبراهيم قال: «ما كنت أياماً قط أنعم مني من الأيام التي كنت فيها في النار»؛ وهذا لأن وجوه النعم تكثر عليه نحو سلامته من النار، والسرور بما يرى من النعم بالظفر بالعدو ودفع كيده، وبما رأى من معجزاته، وبظهور دينه، وما كان يصل إليه من نعم اللَّه حالاً بعد حال في مؤانسة الملائكة، ونجاته من أذى الكفار، ونحو ذلك مما لا يعد ولا يحصى.