قوله تعالى: {قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم 66 أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون 67 قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين 68 قلنا يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم 69 وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين 70}
  قلنا: يحتمل وجوهًا:
  منها: أن يجعل بين أجزاء النار وبينه حائلاً لا تصل إليه.
  ومنها: أن يجعله برداً بخلق البرودة في الأجزاء المجاورة لها، فيبقى الضوء ولا يبقى الإحراق.
  ومنها: أن يخلق في الأجزاء الظاهرة من إبراهيم ما يمنع النار من الإحراق.
  ومنها: أن الإحراق إنما يحصل بالاعتمادات، وفي الجملة يعلم أنه منع من الإحراق، واللَّه أعلم بتفاصيله.
  وقيل: بعث اللَّه ملكاً يؤنسه، وقميصاً يلبسه، وجعل حوله رياضاً ورياحين، وقيل: ألقي في النار وهو ابن ست عشرة سنة.
  «وَسَلَامًا» قيل: سلمه اللَّه من إحراق النار وبردها، وما روي أنه لو لم يقل «سَلاماً» لقتله البرد ليس بشيء؛ لأن الموت في البرودة إلى اللَّه تعالى، وليس من موجب الحر والبرد الموت، وقيل: سلاماً من اللَّه وتحية عليه، والأول أصح:
  والمراد أنه جعل في النار قدرًا من البرودة بحيث لا يؤذيه البرد كما لم يؤذه الحر.
  «وَأَرَادُوا بهِ» يعني قومه أرادوا «بهِ» بإبراهيم «كَيدًا» يعني شرًا وتدبيرًا في إهلاكه «فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخسَرِينَ» لأنهم غُلبوا وذلوا، وقيل: نَفَذَ كيد إبراهيم على أصنامهم ولم ينفذ كيدهم عليه، وكانوا الأخسرين.