قوله تعالى: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 87 فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين 88 وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين 89 فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين 90}
  هو الأصلح، وأنا الظالم لنفسي، رحمتك أرجو، وإياك أدعو، وعند ذلك يجيب اللَّه دعاءه.
  وتدل على أن إجابة الدعاء تختص المؤمن، وأنه يجري مجرى الثواب على ما يقوله أبو علي، خلاف قول الإخشيدية أنه يجوز إجابة دعاء الكفار استصلاحاً، ولأنه يوجب تعظيمه حيث فعل ذلك بسؤاله، وفيه تنبيه أن الطاعة لطف في إجابة الدعاء.
  وتدل على جواز الصغائر على الأنبياء، وإنما يجوز ذلك بشرط ألا يكون قدحاً في الأداء ولا يكون مُنَفِّرًا.
  وتدل على أن طريقهم التشدد في التوبة وتجديدها حالاً بعد حال، وذلك يدل على عظيم منزلتهم.
  وتدل على أن عادة اللَّه في المؤمن إجابة دعائه، ولذلك قال: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}.
  وتدل على أن بطن الحوت لم يكن عقوبة، ولكن كان امتحاناً؛ لأن الأنبياء لا يجوز أن يعاقبوا كما لا يجوز أن يلعنوا.
  وتدل قصة زكريا على أن سؤال الولد الصالح جائز.
  وتدل على أن المسارعة يرغب فيها، ومن هذا الوجه استدل بعضهم بالآية أن الصلاة في أول الوقت أفضل.
  وتدل على أن العبادة يحسن فعلها رغبة ورهبة.
  وتدل على أن الدعاء فِعْلُ العبد ليس بخلق اللَّه تعالى.