قوله تعالى: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 87 فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين 88 وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين 89 فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين 90}
  من غم البحر، وقيل: بما فعله من خروجه، وقيل: قذفه الحوت إلى الساحل، ثم أرسله اللَّه إلى قومه، وقيل: كانت رسالته بعد قصة الحوت، وقيل: كانت قبل وبعد، وهو الظاهر «وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ» من الكرب إذا دعونا واستعانوا بنا «وَزَكَرِيَّا» أي: واذكر زكريا «إِذْ نَادَى رَبَّهُ» أي: دعا ربه فقال: «رَبِّ لاَ تَذَرْني فَرْدًا» أي: وحيداً لا ولد لي ولا عقب وارزقني وارثاً، قيل: سأل الولد ليقوم مقامه في العلم والدين، وقيل: ليدعو له بعد موته كما روي: «ولد صالح يدعو اللَّه له»، ثم فوض الأمر إليه، فقال: «وَأَنْتَ خَيرُ الْوَارِثِينَ» قيل: لأنك إذا ورثت لا يزول ملكك، وغيرك يزول ملكه ويورث عنه، وقيل: أنت خير مَنْ يرث فتكون خليفة في الأهل، وقيل: لأنه يرث الخلق أجمعين «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى» ولداً «وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ» قيل: كانت عاقرًا فجعلها ولوداً، عن قتادة. وقيل: كانت سيئة الخلق فجعلها حسنة الخلق، وقيل: كانت هرمة فرد شبابها فولدت، عن أبي مسلم.
  ثم بين تعالى ما أجاب دعاءهم لأجله فقال سبحانه: «إِنَّهُمْ كَانوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيرَاتِ» أي: الطاعات «وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا» أي: طمعاً وخوفاً رغبة في ثوابه وخشية من عقابه «وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ» أي: خاضعين.
  · الأحكام: تدل الآيات أن من أراد دعاء أو مسألة أن يقدم ذكر التوحيد والعدل كما فعله يونس، فكأنه يقول: أنت المدعو وحدك القادر على الإجابة، الحكيم فيما تفعل، وما