التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون 101 لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون 102 لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون 103 يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين 104 ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون 105 إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين 106}

صفحة 4898 - الجزء 7

  يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ» قيل: هذا يومكم فتمنَّ ما شئت، كما يقال: هذا يومك فاصنع ما شئت، وقيل: يومك تنتصف من كل مَنْ ظلمك، وتقهر فيه أعداءك، وقيل: يومكم الذي تصلون إلى جزائكم «يَوْمَ نطْوِي السَّمَاءَ» قيل: هو ضد النشر، وقيل: هو المحو والطمس، تقول: اطو عني هذا الحديث واستره، وقيل: نفنيها «كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ» قيل: السِّجِلُّ: الصحيفة تطوى على ما فيها من الكتابة، عن ابن عباس، ومجاهد. واللام بمعنى على، أي: تطوى على ما فيها، وقيل: السِّجِلُّ: مَلَكٌ يكتب أعمال العباد، عن ابن عمر، والسدي. وقيل: إنه اسم كاتب لرسول اللَّه، ÷، وليس بصحيح؛ لأن كُتَّابَهُ معروفون، ولم يُرْوَ فيهم أحد اسمه سجل «كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ» استئناف كلام يعني كما بدأنا «أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ» أي: كما خلقناه ابتداء نعيده للحشر، وقيل: كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة كذلك نعيدهم يوم القيامة، وقيل: نهلك كل شيء كما كان أول مرة، عن ابن عباس. وقيل: كما بدأناه من التراب نعيده من التراب «وَعْدًا عَلَينَا» أي: وَعَدْنَا وعداً علينا الوفاء به، وقيل: حقًّا علينا واجباً «إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ» الإعادة والبعث كما وعدنا «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ» قيل: كتب الأنبياء «مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ» من بعد كتبه في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ، عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وابن زيد. وقيل: الزبور زبور داود، والذكر القرآن، عن الشعبي، و (بعد) بمعنى قبل، وروي عنه التوراة، وقيل: الزبور الكتب المنزلة بعد التوراة، والذكر التوراة، عن ابن عباس، والضحاك. وقيل: الزبور الوعظ، أي: كتبنا في الكتب بعد الوعظ والذكر، ويحتمل أن يكون الزبور والذكر: القرآن أي: كتبنا في القرآن هذا بعد ما كتبنا سائر ما يذكر ويحتاج إليه «أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ