قوله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين 107 قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون 108 فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون 109 إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون 110 وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين 111 قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون 112}
  العلم بذلك، وقيل: أعلمتكم ما أعد اللَّه لكم على كفركم من العذاب فأنا وإياكم في العلم على سواء، عن أبي علي. «وِإنْ أَدْرِي» أي: لا أعلم «أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ» قيل: القيامة، فإن اللَّه تعالى هو العالم بوقتها، وقيل: المراد العذاب الموعود لهم لا أدري متى يفعل ذلك، قال «إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ» يعني العالم بوقت القيامة من يعلم السر والعلانية «وَإنْ أَدْرِي» أي: لا أدري «لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ» قيل: كناية عن غير مذكور، أي: لعل تأخير العذاب فتنة لكم، أي: اختبار وشدة تكليف ليظهر صنعكم، وقيل: فتنة لكم أي: إذا أصررتم على الكفر وما يؤدي إلى العذاب فتنة لكم «وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ» أي: تمتعكم إلى أجل، ومعنى الآية: لا أدري بعد البيان لعل بقاءكم زيادة في عقوبتكم إن لم تؤمنوا وتمتعكم بالدنيا إلى مدة «قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» فَوَّضَ الأمر إليه، أي: احكم بيني وبين مَنْ كذبني بالحق.
  ومتى قيل: أليس حُكْمُهُ يكون بالحق فكيف معنى الكلام؟
  قلنا: سؤال ما علم كَوْنُهُ: جائز، كقول إبراهيم: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}[الشعراء: ٨٧] لأن فيه انقطاعاً إليه، وقيل: أراد العذاب فعذبوا يوم بدر، وقيل:
  معناه: رب احكم بحكمك الحق فحذف الحكم وأقام الحق مقامه، وعن قتادة أن النبي ÷ كان إذا شهد قتالاً قال: «رب احكم بالحق» أي: افصل بيني وبين المشركين بما يظهر به الحق للجميع.
  «وَرَبَّنَا الرَّحْمَنُ» الذي يرحم عباده «الْمُسْتَعَانُ» الذي يعينهم على أمورهم، فجمع