التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين 107 قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون 108 فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون 109 إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون 110 وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين 111 قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون 112}

صفحة 4904 - الجزء 7

  بين الرحمة والمعونة الذي يتضمن أصول النعم، وقيل: كان يغمه ما يلقى منهم من الأذى، فأمره بالاستعانة عليهم «عَلَى مَا تَصِفُونَ» من خلاف الدين.

  · الأحكام: يدل قوله: {رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} أنه مبعوث إلى الكافة.

  وتدل على أن شرائعه نعمة ولطف للجميع مؤمنهم وكافرهم، وأن الكافر من جهة نفسه أُتِيَ خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة أنه لا نعمة على الكافر.

  وتدل على أن أهم الأشياء التوحيد، لذلك بدأ به في الوحي، وهكذا عادة جميع الأنبياء.

  وتدل على أن تبقية الكافر اختبار وامتحان.

  وتدل الآيات على فساد قول الْمُجْبِرَةِ من وجوه:

  منها: أنه لو أرسل الرسول ليكفروا لم يكن رحمة للجميع.

  ومنها: أن الأفعال لو كانت خلقاً له لم يكن للبعثة معنى.

  ومنها: قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} كيف يصح ذلك مع أنه ليس إليهم.

  ومنها: أنه أمر بالاستعانة، ولو كان جميع القبائح منه لم تصح الاستعانة؛ لأنه لا يُؤْمَنُ شَرُّهُ.

  ومنها: أنه إذا لم يكن لهم فِعْلٌ فما معنى الاستعانة.