قوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين 11 يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد 12 يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير 13 إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد 14 من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ 15}
  ذلك الحبل، والسبب: الحبل، عن الفراء وأكثر المفسرين. وقيل: ثم ليقطع المسافة إلى السماء في تحصيل ذلك، عن أبي مسلم. وقيل: فليقطع نصر اللَّه عن نبيه، عن أبي علي؛ لما ذكرنا أن النصر يأتيه من السماء «فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ» يعني ما يقوم من مد السبب إلى السماء «مَا يَغِيظُ» قيل: ما يغيظه، فحذف الهاء تخفيفاً، وقيل: هو بمعنى المصدر أي: هل يذهبن كيده غيظه، والمعنى إذا كان كيده لا يغني عن غيظه شيئاً فالواجب التسليم لأمر اللَّه وألَّا يغتاظ على ما فعل تعالى.
  · الأحكام: يدل قوله: {فَإِنْ أَصَابَهُ} الآية. أن الواجب عند البلاء الصبر، كوجوب الشكر عند النعمة، وهذه صفة المؤمنين، كما روي مرفوعاً: «عجباً للمؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابه سوء صبر فهو خير، وإن أصابه خير شكر فهو خير»، وهذا إنما هو على مذهب من يعتقد العدل والتوحيد؛ لأنه يعتقد أن جميع ما يفعله تعالى ففيه مصلحة له وخير، فإن أصابته نعمة علم أن مصلحته فيها فيشكره، وإن أصابته محنة علم أن مصلحته فيها فيصبر، فأما على مذهب الجبر