التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق 31 ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 32 لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق 33 ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين 34 الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 35}

صفحة 4959 - الجزء 7

  بعده وقت النحر، وقيل: محل الناس من إحرامهم بالبيت العتيق بأن يطوف طواف الزيارة «وَلِكُلِّ أُمَّةٍ» قيل: لأهل كل دين، قيل: لكل جماعة مؤمنة سبقت قبلكم «جَعَلْنَا مَنْسَكًا» قيل: عبادة بالذبح، عن مجاهد. وقيل: قرباناً أحل لهم ذبحها، وقيل: متعبداً أو موضع نسك «لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ» أي: فَعَلَ ذلك ليذكروا اسم اللَّهِ «عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنعَامِ» وهي الإبل والبقر والغنم، و (مِنْ) للتبعيض؛ لأن منها ما لم يَجُزْ ذبحها كالبغال والحمير، وسميت بهائم؛ لأنها لا تتكلم «فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا» أي: انقادوا له واعبدوه ولا تعبدوا غيره. «وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ» قيل: المتواضعين، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: المطمئنين إلى اللَّه، عن مجاهد. وقيل: الخاشعين، وقيل: الَّذِينَ لا يَظْلِمون، وإذا ظُلموا لا ينتصرون كأنهم اطمأنوا إلى يوم الجزاء، ثم وصفهم فقال سبحانه «الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ» يعني إذا ذُكِرَ وَعْدُهُ ووعيده خافوا عقابه، وقيل: إذا ذكر أمره ونهيه خاف لعله مقصر في امتثال أمره ونهيه «وَالصابرينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ» من المِحَنِ من جهة اللَّه تعالى لما علم من كونه مصلحة «وَالْمُقِيمِي الصَّلاَةِ» يعني يقيمون فرائضها «وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ» أعطيناهم «يُنْفِقُونَ» في سبيل اللَّه.

  · الأحكام: تدل أول الآية على أن عقاب اللَّه لا دافع له، كالذي خر من السماء، أو تهوي به الريح.