التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور 46 ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون 47 وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير 48 قل ياأيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين 49 فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم 50 والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم 51}

صفحة 4981 - الجزء 7

  تعدون، فكيف يستعجلون ذلك لولا أنهم جهال، «عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ» طوَّل الإمهال للعباد لإصلاح من يصلح فكأنه ألف سنة لطول الأيام، وقيل: وإن يوماً في مقدار العذاب في ذلك اليوم لشدته كمقدار عذاب ألف سنة من أيام الدنيا لو بقي، عن أبي علي. وقيل: أراد لطول وقوف العبد للمحاسبة يوم القيامة، وقيل: هي من الأيام التي خلق اللَّه فيها السماوات، عن ابن عباس.

  ومتى قيل: كيف يصح ذكر اليوم وفي الآخرة لا نهار ولا ليل؟

  فجوابنا: يحتمل أن تكون هناك علامة إذا بلغ ذلك القدر يسمى يوماً، فيكون مقداره في الدنيا ألف سنة.

  «وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ» أي: كم من قرية «أَمْلَيْتُ لَهَا» أي: أمهلت «وَهِيَ ظَالِمَةٌ» أي: أهلها ظالمة، فلم أعاجلهم بالعذاب لمصلحة «ثُمَّ أَخَذْتُهَا» بالعذاب «وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ» للجميع نبه أن طول الإمهال لا يعتبر به «قُلْ» يا محمد «يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ» مخوف بالعذاب لمن عصى، وبشير بالجنة لمن أطاع. أنه قال: قل لهم: ليس العذاب الذي تستعجلون به إليّ قل: إنما أنا مبلغ وبشير ونذير «فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ» يغفر ما سلف من ذنوبهم «وَرِزْقٌ كَرِيمٌ» عطاء كريم، قيل: نعيم أهل الجنة، وهي أكرم نعم، وأكرم دار، وقيل: