التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم 52 ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد 53 وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم 54 ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم 55}

صفحة 4984 - الجزء 7

  وكان نصر هذا رجلاً من بني سليم رائع الجمال تُفْتَنُ به النساء، فمر عمر ¥ بهذه المرأة، وهي تنشد هذا البيت، فدعا نصرًا وسَيَّرَهُ إلى البصرة. ثم يستعمل التمني في مواضع يقال: تمنى: قرأ، والأمنية: القراءة، قال الشاعر:

  تَمَنَّى كتاب اللَّه أول لَيْلِهِ

  وقيل: سمى القراءة أمنية، لأن القارئ إذا انتهى إلى آية رحمة تمناها، وإذا انتهى إلى آية عذاب تمنى وقاها، وقيل: أخذ من التقدير؛ لأن التالي يتقدر الحروف بذكرها شيئاً بعد شيء، وقيل: تمنى من منيت، منى اللَّه لك، أي: قدر، ومنه: المنية؛ لأن اللَّه قدرها له، وقد تسمي العرب الموت قدرًا، كما تسميه منية، قال كعب بن زهير:

  لَوْ كُنْتُ أَعْجَبُ منْ شَيءٍ لأعْجَبَنِي ... سَعْيُ الفَتَى وهو مُخْبُوءٌ له القدَرُ.

  وقيل: تمنى الشيء وهو تقدير بلوغه والوصول إليه، عن أبي مسلم. والمنى التقدير مَنَّ الله خيرًا: قدر، قال الشاعر:

  ما يَمْنَى لَكَ الماني

  والتمني: الكذب، ومنه: {لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ}⁣[البقرة: ٧٨] أي: إلا كذباً، يقال: مان في حديثه مَيْنًا، وتمنى تمنياً إذا كذب، ومنه حديث عثمان: (ما