التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم 52 ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد 53 وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم 54 ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم 55}

صفحة 4992 - الجزء 7

  «أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ» قيل: هو يوم الموت، وقيل: يستأصلهم فيه فلا يُرَى بعده ليل ولا بعده يوم، وقيل: عذاب يوم لا ليل بعده وهو يوم القيامة، عن عكرمة، والضحاك. قال أبو علي: «يوم عقيم» يوم بدر، عن مجاهد، وقتادة، وابن جريج. وقيل: لأنه لم يكن فيه رأفة ورحمة، وقيل: هو عقيم لا مثل له في عظم أمره لقتال الملائكة فيه، وقيل: عقيم لا خير فيه للكفار، وقيل: يوم لا ثاني له، عن أبي مسلم.

  · الأحكام: تدل الآية على جواز السهو على الرسول ÷، وأنه لا مطعن في نبوته، وأنه تعالى يحكم آياته، ويزيل السهو، وإنما يجوز ذلك في غير الأداء، فأما في أداء الشرع فلا يجوز عليه السهو ألبتة.

  وتدل على جوازه على سائر الأنبياء، قال شيخنا أبو علي: فيبطل قول الإمامية: إن السهو لا يجوز على الأنبياء والأئمة.

  ويدل قوله: «وليعلم» أنه يفعل ذلك ليؤمنوا به، فيدل على أنه يجعل الأمر سبباً لغيره.

  وتدل على أن الأحكام قد تكون لها علل.

  وتدل على أنه يلطف في تثبيت الحق وأحكامه.

  ويدل قوله: «ولا يزال» أن كل عصر لا يخلو من كافر، فيبطل قول من يقول: إن الناس كلهم يؤمنون.