التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم 56 والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين 57 والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين 58 ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم 59 ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور 60}

صفحة 4995 - الجزء 7

  بل هو قوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ١٦٩ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ١٧٠}⁣[آل عمران: ١٦٩ - ١٧٠]. «لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ» يعني مكاناً يدخلونه ويرضونه وهو الجنة؛ لأن الأماني كلها مقصورة عليها «وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ» بموضع الجزاء ومقداره «حَلِيمٌ» بالإمهال إلى ذلك اليوم «ذَلِكَ» أي: ما وعدت للمهاجرين كما وعدت، وقيل: مع إكرامي لهم في الآخرة لا أَدَعُ نصرهم في الدنيا، واختلفوا، قيل: إنه يرجع إلى المهاجرين، وقيل: إلى المؤمنين أجمع «وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ» أي: من أراد أن يعاقب بمثل ما عوقب فينتقم من عدوه، وقيل: الأول لم يكن عقوبة ولكن هو كقولهم: الجزاء بالجزاء، وقيل: معناه من أراد أن يخرجهم من ديارهم مثل ما أخرجوهم ومنعوهم من المسجد كما منعوا عام الحديبية، وقيل: أراد القصاص، أي يقتل قاتل وَليِّهِ، وقيل: أراد المُثْلَةَ التي فعلها المشركون بحمزة «ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ» أي: ظلم بأن حورب من بعد، وقيل: بأن يقتل بعد أن استوفى القصاص، عن ابن الأنباري. «لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ» يعفو عمن ينتصر من ظالمه، غفور يغفر له لا يأخذه به، عن أبي مسلم. وقيل: هو عام.

  · الأحكام: تدل الآية على الوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، وهكذا عادة اللَّه تعالى في كتابه، يجمع بين الوعد والوعيد.